فصل: النِّكَاحُ الَّذِي يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.النِّكَاحُ الَّذِي يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْت كُلَّ نِكَاحٍ يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْوَلِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَضِيَ ثَبَتَ النِّكَاحُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الَّذِي لَهُ الْفُرْقَةُ فِي ذَلِكَ، أَيَكُونُ فَسْخًا أَوْ طَلَاقًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا يَكُونُ طَلَاقًا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ إلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يُقِرَّ بِالنِّكَاحِ إنْ أَحَبَّ فَيُثْبِتُ أَوْ يُفَرَّقُ فَتَقَعُ الْفُرْقَةُ أَنَّهُ إنْ فَرَّقَ كَانَتْ طَلْقَةً بَائِنَةً قُلْتُ: وَكُلُّ نِكَاحٍ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ عَلَى حَالٍ أَيَكُونُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قال سَحْنُونٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ مِثْلَ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ، وَمَا كَانَ صَدَاقُهُ فَاسِدًا فَأُدْرِك قَبْلَ الدُّخُولِ وَاَلَّذِي عُقِدَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَكَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ، فَالْفَسْخُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ وَاَلَّذِي كَانَ يَقُولُ بِهِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَمَا كَانَ فَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا وَمَا عَقَدَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا يُفْسَخُ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مِيرَاثَ فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت النِّكَاحَ الَّذِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ عَلَى حَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ فَدَخَلَ بِهَا أَيَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سُمِّيَ أَمْ يَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؟
قَالَ: لَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سُمِّيَ إذَا كَانَ مِثْلَ نِكَاحِ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ النَّسَبِ، فَإِنَّ لَهَا مَا سُمِّيَ مِنْ الصَّدَاقِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: أَرَأَيْت الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ وَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْمِيرَاثِ فِي هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ إذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ أَنْ يُجِيزُوهُ جَازَ، فَالْفَسْخُ فِيهِ تَطْلِيقَةٌ فَإِذَا طَلَّقَ هُوَ جَازَ الطَّلَاقُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ إنْ هِيَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ عَلَى مَالٍ دَفَعَتْهُ إلَى الزَّوْجِ، أَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ هَذَا الْمَالُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهَا إنْ أَبَى الْوَلِيُّ أَنْ يُجِيزَ عُقْدَتَهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، أَرَاهُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَتْهُ فَالْمَالُ جَائِزٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَطَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَمَا طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ لَوْ أَجَازَهُ الْأَوْلِيَاءُ أَوْ غَيْرُهُمْ جَازَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إذَا فُسِخَ طَلَاقًا وَرَأَى مَالِكٌ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ فَكَذَلِكَ أَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَا طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الْفَسْخَ هَهُنَا تَطْلِيقَةً وَهُوَ لَا يَدْعُهُمَا عَلَى هَذَا النِّكَاحِ إنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ رَدَّهُ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ ذَلِكَ وَتَلِدَ مِنْهُ أَوْلَادًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَسْخُ هَذَا النِّكَاحِ عِنْدَ مَالِكٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ مَا فَسْخُهُ بِالْبَيِّنِ وَلَكِنَّهُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَفَتَرَى أَنْ يُفْسَخَ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ؟ فَوَقَفَ عَنْهُ وَلَمْ يَمْضِ عَنْهُ فَعَرَفْت أَنَّهُ عِنْدَهُ ضَعِيفٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ قَالَ: وَأَصْلُ هَذَا وَهُوَ الَّذِي سَمِعْته مِنْ قَوْلِ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ مِنْ اللَّهِ وَلَا مِنْ رَسُولِهِ أَجَازَهُ قَوْمٌ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ أَنَّ مَا طَلَّقَ فِيهِ يَلْزَمُهُ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ الْمَرْأَةُ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا أَوْ الْأَمَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَكُلُّ نِكَاحٍ كَانَ حَرَامًا مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ مَا طُلِّقَ فِيهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَفَسْخُهُ لَيْسَ فِيهِ طَلَاقٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مِمَّا بَيْنَ ذَلِكَ أَنْ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَوَقَعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ يُجِيزُ ذَلِكَ، وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَقَضَى بِهِ وَأَنْفَذَهُ حِينَ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ.
ثُمَّ أَتَى قَاضٍ مِمَّنْ لَا يُجِيزُهُ أَكَانَ يَفْسَخُهُ وَلَوْ فَسَخَهُ لَأَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ فِيهِ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْت مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ رَأْيِي.
قال سَحْنُونٌ: وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَالْعَبْدُ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إنْ أَجَازَ سَيِّدُهُ النِّكَاحَ أَيَجُوزُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَإِنْ فَسَخَهُ سَيِّدُهُ بِالْبَتَاتِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لِسَيِّدِهِ أَمْ يَكُونُ وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ بَتَاتًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: بَلْ هِيَ عَلَى مَا طَلَّقَهَا السَّيِّدُ عَلَى الْبَتَاتِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ بِيَدِ السَّيِّدِ جَمِيعَ طَلَاقِ الْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالسَّيِّدُ لَوْ شَاءَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِتَطْلِيقَةٍ وَتَكُونُ بَائِنَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَحَ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ السَّيِّدِ صَارَ الطَّلَاقُ بِيَدِ السَّيِّدِ، فَذَلِكَ جَازَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُبِينَهَا مِنْهُ بِجَمِيعِ الطَّلَاقِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ الْعَبْدِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ.
قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي زَبْرَاءَ أَنَّهَا قَالَتْ: فَفَارَقْتُهُ ثَلَاثًا، فَبِهَذَا الْأَثَرِ أَخَذَ مَالِكٌ، فَكَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ الْعَبْدِ إلَّا وَاحِدَةً وَتَكُونُ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ بَائِنَةً.
قال سَحْنُونٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إلَّا وَاحِدَةً، وَالْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَرَدَّ النِّكَاحَ مِثْلُ الْأَمَةِ لَيْسَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا الْوَاحِدَةَ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ تُبِينُهَا وَتُفْرِغُ لَهُ عَبْدَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ فِي قَوْلِهِ هَذَا إلَّا وَاحِدَةً أَيَكُونُ لِلْأَمَةِ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً إنْ شَاءَتْ وَإِنْ شَاءَتْ بِالْبَتَاتِ؟
قُلْت: نَعَمْ قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَتَكُونُ بَائِنَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَكُلُّ نِكَاحٍ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَقِرُّ عَلَى حَالٍ إنْ فُسِخَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهُ، أَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ إنَّمَا هُوَ نِكَاحٌ لَا يَقِرُّ عَلَى حَالٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ فِيهِ يَكُونُ طَلَاقًا قَالَ: وَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ حَرَامًا لَيْسَ مِمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى يَأْخُذَ بِهِ قَوْمٌ وَيَكْرَهَهُ قَوْمٌ فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ يَلْزَمُهُ مَا طَلَّقَ فِيهِ وَقَدْ فَسَّرْت هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْفَسْخُ فِيهِ عِنْدِي تَطْلِيقَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ هَذَا الَّذِي يُزَوِّجُهَا تَزْوِيجًا لَا يَقِرُّ عَلَى حَالٍ أَيَلْتَعِنُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، يَلْتَعِنُ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ الْحَمْلُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ تَظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إنِّي إنْ تَزَوَّجْتُك مِنْ ذِي قَبْلُ، فَهَذَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إنْ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَهَذَا رَأْيِي قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ آلَى مِنْهَا، أَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا عِنْدَ مَالِكٍ؟
قَالَ: هُوَ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَيَكُونُ كَانَ مُولِيًا مِنْهَا عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُجَامِعَ إلَّا بِكَفَّارَةٍ فَهُوَ مُولٍ وَأَمَّا مَسْأَلَتُكَ فَلَا يَكُونُ فِيهَا إيلَاءٌ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يُفْسَخُ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ هَذَا النِّكَاحِ الْمَفْسُوخِ لَزِمَهُ الْيَمِينُ بِالْإِيلَاءِ وَكَانَ مُولِيًا مِنْهَا، لِقَوْلِ مَالِكٍ كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتْهُ مِنْ جِمَاعٍ فَهُوَ بِهَا مُولٍ.
قَالَ: وَإِنَّمَا الظِّهَارُ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إنِّي إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، يَنْوِي ذَلِكَ فَهَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، أَوْ الْأَمَةُ الَّتِي أُعْتِقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ، أَيَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فِي رَأْيِي وَاحِدَةً طَلَّقَ أَوْ الْبَتَاتَ.
قُلْتُ: فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا طَلَاقًا فِي رَأْيِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ الطَّلَاقَ جَائِزٌ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ نِكَاحٍ أَجَازَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِثْلُ الْأَمَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، أَوْ الْمَرْأَةُ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا، فَهَذَا قَدْ قَالَ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ جَازَ، فَلِذَلِكَ أَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ فِيهِ الطَّلَاقُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ نِكَاحُ الْمَحْرَمِ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ فِيهِ تَطْلِيقَةً، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ يَكُونُ الْفَسْخُ فِيهِ تَطْلِيقَةً، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَكُونُ فَسْخُهُ طَلَاقًا وَلَا يَلْحَقُ فِيهِ طَلَاقٌ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْفَسْخِ، إنَّمَا ذَلِكَ النِّكَاحُ الْحَرَامُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ الْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا أَوْ عَلَى أُمِّهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا اخْتِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ لَا تُحَرَّمُ بِهِ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسِيسٌ عَلَى وَلَدٍ وَلَا وَالِدٍ وَلَا يَتَوَارَثَانِ فِيهِ إذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا وَلَا يَكُونَانِ بِهِ إذَا مَسَّهَا فِيهِ مُحْصَنَيْنِ، وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَالْفَسْخُ فِيهِ تَطْلِيقَةٌ وَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ فِيهِ فَهُوَ طَلَاقٌ لَازِمٌ عَلَى مَا طَلَّقَ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ فِيهِ وَأَنْفَذَهُ؛ لِأَنَّ قَاضِيًا قَبْلَهُ أَجَازَهُ وَحَكَمَ بِهِ وَهُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ شَيْئًا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، ثُمَّ فَسَخَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَمْ تَحِلَّ لِابْنِهِ وَلَا لِأَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ فِيهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، أَيَصْلُحُ لِابْنِهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَفَرَّقَ السَّيِّدُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْعَبْدُ بِهَا، أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا؟
قَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ عِنْدِي يَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ فِيهِ جَائِزٌ، وَمَا طَلَّقَ عَلَيْهِ فِيهِ ثَبَتَ عَلَيْهِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَفْسَخَ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْت عَمَّنْ أَرْضَى.
قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَعْلَمْتُك بِقَوْلِهِ فِي مِثْلِ هَذَا قَبْلَ هَذَا وَبِقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الرُّوَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ لِأَمْرِهِ وَهُوَ غَائِبٌ بِغَيْرِ أَمَرَهُ ثُمَّ يَأْتِي الِابْنُ فَيَكْرَهُ مَا صَنَعَ الْأَبُ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا فَعُلِمَ بِذَلِكَ فَفُسِخَ نِكَاحُ الِابْنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الِابْنَةَ الْمَفْسُوخَ نِكَاحُهَا لِمَوْضِعِ شُبْهَةِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ نَكَحَهَا فَهُوَ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ نَهَى أَنْ يَنْكِحَ مَا نَكَحَ أَبُوهُ مِنْ الْحَلَالِ، فَلَمَّا كَانَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الْحَلَالِ مَنَعَ مِنْ النِّكَاحِ أَنْ يَبْتَدِئَهُ ابْنُهُ لِمَوْضِعِ مَا أَعْلَمْتُك مِنْ الشُّبْهَةِ، وَلِمَا أَعْلَمْتُك مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأَبِ الَّذِي زَوَّجَ ابْنَهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُجِزْهُ لَهُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ وَلَا بِالِابْنَةِ، فَإِنَّهُ يَفْسَخُ نِكَاحَ الِابْنَةِ وَلَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ الْأُمُّ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأُمِّ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يُفْسِدُهُ مَا وَقَعَ بَعْدَهُ مِنْ نِكَاحِ شُبْهَةِ الْحَرَامِ إذَا لَمْ تُصَبْ الِابْنَةُ فَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ الْحَلَالُ الْقَوِيُّ الْمُسْتَقِيمُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت مَالِكًا هَلْ كَانَ يُجِيزُ إنْكَاحَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ إنْكَاحَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قُلْتُ: فَإِنْ نَزَلَ أَيَفْسَخُهُ أَوْ يُجِيزُهُ؟
قَالَ: كَانَ يُمْرِضُهُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُهُ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ يَفْسَخُهُ إنْ نَزَلَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنَّهُ إنْ نَزَلَ أَنْ لَا يَفْسَخَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْفَسْخِ شَيْئًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ أَمَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَأَجَازَ مَوْلَاهَا النِّكَاحَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نِكَاحُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ النِّكَاحَ؟
قَالَ: فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَإِنْ أُعْتِقَتْ فِي رَأْيِي حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا دَخَلَ بِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قُلْتُ: وَلِمَ وَهَذَا الْمَاءُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ النَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ وَطْءٍ كَانَ فَاسِدًا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ فَلَا يَتَزَوَّجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ نِسْبَةً مِنْهُ فَلَا يَطَؤُهَا فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِي هَذَا الَّذِي يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، لَا يَطَؤُهَا بِمِلْكٍ وَلَا بِنِكَاحٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ رَحِمَهَا إنْ كَانَ نَسَبُ مَا فِي بَطْنِهَا يَثْبُتُ مِنْهُ فَلَا يَطَؤُهَا فِي رَأْيِي عَلَى حَالٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ نِكَاحَ الْأَمَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا لِمَ لَا يُجِيزُهُ إذَا أَجَازَ السَّيِّدُ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ أَمَتِي بِغَيْرِ أَمْرِي فَبَلَغَنِي وَأَجَزْت ذَلِكَ؟
قَالَ: يَجُوزُ قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَقْبَلُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الَّذِي بَاعَنِي بَاعَ مُتَعَدِّيًا؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ.
قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، فَأَجَازَ سَيِّدُهَا؟
قَالَ: وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَتِك سَوَاءٌ فِي رَأْيِي قُلْتُ: فَقَدْ أَجَزْته فِي الْبَيْعِ إذَا بَاعَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَ السَّيِّدُ فَلِمَ لَا تُجِيزُهُ فِي النِّكَاحِ؟
قَالَ: لَا يُشْبِهُ النِّكَاحُ هَاهُنَا الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا يُجِيزُ الْعُقْدَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَلَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ وَالشِّرَاءُ فِي الْعُقْدَةِ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا إنَّمَا كَانَتْ عُقْدَةُ بَيْعٍ بِغَيْرِ أَمْرِ أَرْبَابِهَا، فَإِذَا رَضِيَ الْأَرْبَابُ جَازَ قَالَ: وَالنِّكَاحُ إنَّمَا يُجِيزُ الْعُقْدَةَ الَّتِي كَانَتْ فَاسِدَةً فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَفْسَخَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، أَيَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِنْ أَنْكَحَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِمَهْرٍ قَدْ سَمَّاهُ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَقَدِمَ شَرِيكُهُ فَأَجَازَ النِّكَاحَ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ لَوْ أَنْكَحَ أَمَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ السَّيِّدُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ النِّكَاحُ وَإِنْ أَجَازَهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا إذَا أَنْكَحَاهَا جَمِيعًا قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ قَدْ أَنْكَحَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِصَدَاقٍ سُمِّيَ، وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ، أَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى أَيَكُونُ لِلْغَائِبِ مِثْلُ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَلِلَّذِي زَوَّجَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى؟
قَالَ: أَرَى الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ، زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ قُلْتُ: فَإِنْ أَجَازَهُ صَاحِبُهُ حِينَ بَلَغَهُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ الْمَوْلَى أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قُلْتُ: مَا فَرْقُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْعَبْدَ يَعْقِدُ نِكَاحَ نَفْسِهِ وَهُوَ رَجُلٌ وَالْعَاقِدُ فِي امْرَأَتِهِ وَلِيٌّ، فَالْأَمَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَعْقِدَ نِكَاحَ نَفْسِهَا فَعَقْدُهَا نِكَاحَ نَفْسِهَا بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى، أَيَجُوزُ طَلَاقُهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي قُلْتُ: إنْ فَسَخَ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ أَيَكُونُ طَلَاقًا؟
قَالَ مَالِكٌ: إنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَذَلِكَ جَائِزٌ قُلْتُ: إنَّمَا طَلَاقُ الْعَبِيدِ اثْنَتَيْنِ فَمَا يَصْنَعُ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا؟
قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ إنَّهَا تَلْزَمُ الِاثْنَانِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حَدِيثِ زَبْرَاءَ قَالَتْ فَفَارَقْته ثَلَاثًا وَإِنَّمَا كَانَ طَلَاقُهُ اثْنَتَيْنِ قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجَ عَبْدُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَقَالَ السَّيِّدُ: لَا أُجِيزُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَجَزْت أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ لَا أُجِيزُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَا أَرْضَى إنِّي لَسْت أَفْعَلُ، ثُمَّ كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَأَجَازَ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ فَسْخَ النِّكَاحِ مِثْلَ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ قَدْ رَدَدْت ذَلِكَ وَقَدْ فَسَخْته فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَقْبَلٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا؟
قَالَ: نَعَمْ، فِي رَأْيِي وَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّبَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ إيَّاهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَنْكِحُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَيَبِيعُهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ، أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْإِجَازَةٍ وَالرَّدِّ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَدْ سَمِعْت عَنْ مَالِكٍ شَيْئًا وَلَسْت أُحِقُّهُ، وَأَرَى أَنَّ هَذَا السَّيِّدَ الَّذِي اشْتَرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ، فَإِنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ رَدَّ الْعَبْدَ وَكَانَ لِلْبَائِعِ إذَا رَجَعَ إلَيْهِ الْعَبْدُ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يُفَرِّقَ وَهُوَ رَأْيِي قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ لَمْ يَبِعْهُ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِنِكَاحِهِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ أَيَكُونُ لِمَنْ وَرِثَ الْعَبْدَ أَنْ يَرُدَّ النِّكَاحَ أَوْ يُجِيزَ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُجِيزَ فِي رَأْيِي قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنِّي سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَلْبَتَّةَ لِغَرِيمِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَيَمُوتُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ فَيُرِيدُونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ أَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ بِحَالٍ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، هُمْ بِمَنْزِلَتِهِ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ كَمَا كَانَ لِصَاحِبِهِمْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَنَزَلْت بِالْمَدِينَةِ فَأَفْتَى بِهَا مَالِكٌ وَقَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا زَوَّجَ أُخْتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ فِي حِجْرِ أَبِيهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَبِ فَأَجَازَ الْأَبُ أَيَجُوزُ النِّكَاحُ أَمْ لَا؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنًا قَدْ فَوَّضَ إلَيْهِ أَبُوهُ أَمْرَهُ، فَهُوَ النَّاظِرُ لَهُ وَالْقَائِمُ بِأَمْرِهِ فِي مَالِهِ وَمَصْلَحَتِهِ وَتَدْبِيرِ شَأْنِهِ فَمِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ هَكَذَا وَرَضِيَ الْأَبُ بِنِكَاحِهِ إذَا بَلَغَ الْأَبُ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ الْأَبُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي أَمَةِ الْأَبِ.
قُلْتُ: فَالْأَخُ؟
قَالَ: لَا أَعْرِفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ فِعْلَ الْأَخُ فِي هَذَا كَفِعْلِ الْوَلَدِ وَأَرَى أَنَا إنْ كَانَ هَذَا الْأَخُ مِنْ أَخِيهِ مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك مِنْ الْوَلَدِ جَازَ نِكَاحُهُ إذَا أَجَازَهُ الْأَخُ إنْ كَانَ النَّاظِرُ لِأَخِيهِ فِي مَالِهِ مُدَبَّرًا بِمَالِهِ الْقَائِمِ لَهُ فِي أَمْرِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْجَدُّ هُوَ النَّاظِرُ لِابْنِهِ فَزَوَّجَ ابْنَةَ ابْنِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهَا أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَاهُ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَلَدِ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّغِيرَ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ فَأَجَازَ الْأَبُ نِكَاحَهُ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ وَأَرَى ذَلِكَ جَائِزًا وَهُوَ عِنْدِي كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ إذَا أَجَازَ ذَلِكَ لَهُ مَنْ يَلِيه عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ وَالرَّغْبَةِ فِيمَا يَرَى لَهُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَبِ، وَمِثْلُهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَدَخَلَ بِهَا وَجَامَعَهَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى إنْ أَجَازَهُ الْأَبُ جَازَ وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لَا يَعْقِدُ نِكَاحًا عَلَى أَحَدٍ، وَهُوَ إذَا عَقَدَ نِكَاحَ نَفْسِهِ فَأَجَازَهُ السَّيِّدُ جَازَ، فَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ هُوَ لَا يَعْقِدُ نِكَاحَ أَحَدٍ وَهُوَ إذَا عَقَدَ نِكَاحَ نَفْسِهِ فَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ وَالْإِصَابَةِ وَالرَّغْبَةِ جَازَ قُلْتُ: فَإِنْ جَامَعَهَا فَفَرَّقَ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ يَتِيمًا فِي طَلَبِ عَبْدٍ لَهُ أَبَقَ إلَى الْمَدِينَةِ فَأَخَذَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَبَاعَهُ، فَقَدِمَ صَاحِبُ الْعَبْدِ، فَأَصَابَ الْعَبْدَ وَأَصَابَ الْغُلَامَ قَدْ أَتْلَفَ الْمَالَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الْعَبْدَ صَاحِبُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُلَامِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَتْلَفَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك أَلَا يَكُونُ هَذَا مِثْلَ مَا أَفْسَدَ أَوْ كَسَرَ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَجَازَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ وَإِنْ رَضِيَ إذَا طَالَ ذَلِكَ قُلْتُ: أَفَيَتَزَوَّجُهَا ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَزَوَّجُهَا ابْنُهُ وَلَا أَبُوهُ قُلْتُ: أَفَيَتَزَوَّجُ الَّذِي كَانَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ غَائِبٌ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا؟
قَالَ: أَمَّا ابْنَتُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا يَتَزَوَّجْهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَ لِأَبِيهِ وَلِابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قُلْتُ: وَكَذَلِكَ أَجْدَادُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، الْأَجْدَادُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ هُمْ آبَاءٌ وَأَبْنَاءٌ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.

.تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ رَجُلًا يُزَوِّجُهَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ امْرَأَةً وَكَّلَتْ وَلِيًّا يُزَوِّجُهَا مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ زَوَّجْتُكِ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ زَوَّجَهُ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ مَا زَوَّجْتَنِي وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِالْوَكَالَةِ؟
قَالَ: إذَا أَقَرَّتْ بِالْوَكَالَةِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ قُلْتُ: فَإِنْ أَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لِي فَذَهَبَ فَأَتَانِي بِرَجُلٍ فَقَالَ: قَدْ بِعْت عَبْدَك الَّذِي أَمَرْتَنِي بِبَيْعِهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَالَ سَيِّدُ الْعَبْدِ قَدْ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ وَلَمْ تَبِعْهُ وَأَنْتَ فِي قَوْلِك قَدْ بِعْته كَاذِبٌ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تَقْبِضَ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ، فَأَتَى الْوَكِيلُ فَقَالَ قَدْ قَبَضْته وَضَاعَ مِنِّي قَالَ الْآمِرُ قَدْ أَمَرْتُك وَوَكَّلْتُك بِقَبْضِ ذَلِكَ وَلَكِنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ أَيُصَدِّقُ الْوَكِيلُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلْغَرِيمِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّك قَدْ دَفَعْت إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَّا فَاغْرَمْ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَكِيلِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ عَلَى التَّلَفِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ غَرِمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ غُرْمٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مَا أَمَرَهُ بِهِ قُلْتُ: وَلِمَ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ الْآمِرُ بِالْوَكَالَةِ وَقَدْ صَدَّقْته فِي الْمَسَائِلِ الْأُولَى؟
قَالَ: لِأَنَّهُ هَهُنَا إنَّمَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَكَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى تَوْثِيقِ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى قَبْضِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ.
قَالَ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلَّذِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُتْلِفْ لِلْآمِرِ شَيْئًا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ وَكَّلَتْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَيَقْبِضَ صَدَاقَهَا فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُك وَقَبَضْت صَدَاقَك وَقَدْ ضَاعَ الصَّدَاقُ مِنِّي؟
قَالَ: هَذَا مُصَدَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى قَبْضِ الصَّدَاقِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا يَبِيعُ سِلْعَتَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَقْبِضُ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّزْوِيجِ وَكَّلَتْهُ امْرَأَةٌ بِإِنْكَاحِهَا أَوْ رَجُلٌ وَكَّلَهُ فِي وَلِيَّتِهِ أَنْ يُزَوِّجَ فَزَوَّجَ، ثُمَّ أَرَادَ قَبْضَ الصَّدَاقِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا فَهَذَا فَرْقٌ مَا بَيْنَ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ، إنَّمَا الْوَكَالَةُ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدُّيُونِ فَلَا أَرَى أَنْ يُخْرِجَهُ إذَا ادَّعَى تَلَفًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى لَهُ قَبْضِ الصَّدَاقِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا أَوْ أَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَخْلَفَهَا عَلَى بُضْعِ بَنَاتِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يَجُوزُ وَتَكُونُ أَحَقَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَكِنْ لَا تَعْقِدُ النِّكَاحَ وَتَسْتَخْلِفُ هِيَ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ.

.النِّكَاحُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَقَرَّ الْمُزَوِّجُ بِذَلِكَ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَكُونُ الْعُقْدَةُ صَحِيحَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا أَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يَقْبِضَ الصَّدَاقَ قَالَتْ: زَوَّجْتَنِي بِغَيْرِ شُهُودٍ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَالنِّكَاحُ لَهُ لَازِمٌ وَيَشْهَدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا؟
قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَيَشْهَدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ وَإِنَّمَا الَّذِي أَخْبَرْتُك مِمَّا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُمَا تَقَارًّا وَلَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَلَا مَهْرٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ إلَّا بِشُهُودٍ وَصَدَاقٍ قُلْتُ: فَإِنْ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ؟
قَالَ: أَخْبَرْتُك أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَقَالَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَحْتَنِي بِغَيْرِ شُهُودٍ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ فَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَهُ قَالَ فَلْيَشْهَدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا قُلْتُ: فَإِنْ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ؟
قَالَ: إنْ زَوَّجَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ فَهَذَا النِّكَاحُ مَفْسُوخٌ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَثْبُتَانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا قُلْتُ: فَإِنْ زَوَّجَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّدَاقَ وَلَمْ يَقُلْ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْك؟
قَالَ: هَذَا التَّفْوِيضُ وَهَذَا النِّكَاحُ جَائِزٌ وَيُفْرَضُ لِلْأَمَةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَهَذَا رَأْيِي لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ يَجْتَمِعُ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَنْكِحُ بِبَيِّنَةٍ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ أَيَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى غَيْرِ اسْتِسْرَارٍ؟
قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلْيَشْهَدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ قُلْتُ: لِمَ أَبْطَلَتْ الْأَوَّلَ؟
قَالَ: لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الِاسْتِسْرَارُ، فَهُوَ وَإِنْ كَثُرَتْ الْبَيِّنَةُ إذَا أَمَرَ بِكِتْمَانِ ذَلِكَ أَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْكِتْمَانِ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَهِيَ ثَيِّبٌ فَأَنْكَرَتْ الْبِنْتُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عَلَيْهَا الْأَبُ وَرَجُلٌ آخَرُ أَنَّهَا قَدْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إلَى أَبِيهَا فَزَوَّجَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ خَصْمٌ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي بَيْتٍ فَشَهِدَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا أَنَّ الْأَبَ زَوَّجَهَا إيَّاهُ فَقَالَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ وَأَرَى أَنْ يُعَاقَبَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيَّةً بِشُهَدَاءَ نَصَارَى أَيَجُوزُ نِكَاحُهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ نِكَاحُهُ بِشَهَادَةِ النَّصَارَى فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ أَشْهَدَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَزِمَ الزَّوْجَ النِّكَاحُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُنْكِحُكَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ؟ قَالَ: بَلَى قَدْ أَنْكَحْتهَا وَلَمْ يُشْهِدْ».
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ خَطَبَ عَلَى ابْنِهِ إلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ابْنَتَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهُ قَالَ لَهُ حَمْزَةُ أَرْسِلْ إلَى أَهْلِك، قَالَ سَالِمٌ: فَزَوَّجَهُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبْدَادِ فِي النِّكَاحِ وَالْعَتَاقَةِ يُونُسُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ نَكَحَ سِرًّا وَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ قَالَ: إنْ مَسَّهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَعُوقِبَ الشَّاهِدَانِ بِمَا كَتَمَا مِنْ ذَلِكَ وَلِلْمَرْأَةِ مَهْرُهَا ثُمَّ إنْ شَاءَتْ نَكَحَتْهُ حِينَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا نِكَاحَ عَلَانِيَةٍ.
قَالَ يُونُسُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَهُ قَالَ يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَنَرَى أَنْ يُنَكِّلَهُمَا الْإِمَامُ بِعُقُوبَةٍ وَالشَّاهِدَيْنِ بِعُقُوبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ نِكَاحُ السِّرِّ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ مِثْلَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيِّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحُ السِّرِّ حَتَّى يُعْلَنَ بِهِ وَيُشْهَدَ عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ شِمْرِ بْنِ نُمَيْرٍ الْأُمَوِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِبَنِي زُرَيْقٍ فَسَمِعُوا غِنَاءً وَلَعِبًا فَقَالُوا: مَا هَذَا فَقَالُوا نِكَاحُ فُلَانٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: «كَمَّلَ دِينَهُ هَذَا النِّكَاحُ لَا السِّفَاحُ وَلَا نِكَاحُ السِّرِّ حَتَّى يُسْمَعَ دُفٌّ أَوْ يُرَى دُخَانٌ».
قَالَ حُسَيْنٌ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ جَدِّهِ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ نِكَاحَ السِّرِّ حَتَّى يُضْرَبَ بِالدُّفِّ.
ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى أَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنْ مُرْ مَنْ قِبَلَك أَنْ يُظْهِرُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِالدُّفِّ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ وَامْنَعْ الَّذِينَ يَضْرِبُونَ بِالْبَرَابِطِ وَالْبَرَابِطَ الْأَعْوَادِ.